فإنه لا بد للعبد من وقفةٍ صادقةٍ مع الله تبارك وتعالى ينيب فيها إليه، ويحاسب فيها نفسه، ويزن فيها أعماله، فما أجمل المحاسبة للنفس في وقت العمل، وما أجمل وزن الأعمال قبل أن توزن، وإننا نعيش أيام مباركات، وساعات فاضلات، فرمضان شهرٌ مبارك كما أخبر عنه نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -؛ مباركٌ في كل لحظاته، وفي جميع الأبواب والمجالات، فكم لله تبارك وتعالى في هذا الشهر الكريم الفاضل العظيم من عتقاء من النار! أليس من اللائق بنا، والجدير بكل مسلم أن يغتنم بركة هذا الشهر، وأن يتحيّن هذه الفرصة الثمينة، للتزوّد بصالح الأعمال، والتوبة النّصوح إلى الله ذي الجلال، وكثرة الإنابة والاستغفار، فإذا لم تُنب قلوبنا إلى الله في هذا الوقت فمتى تنيب؟! إذا لم يكن منا توبة في هذه الساعات الفاضلات فمتى نتوب؟! إذا لم تتحرك ألسنتنا باستغفار كثير في هذه الأيام المباركات فمتى عسانا أن نستغفر؟!

اعلموا - رحمكم الله - أن لشهر رمضان الكريم - شهر الصيام والقيام - خصوصية بالقرآن، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم هدى للناس، فحقيق بشهر هذا فضله، وهذا إحسان الله على عباده فيه، أن يعظمه العباد، وأن يكون موسمًا لهم للعبادة، وزادًا عظيمًا ليوم المعاد، ويدل أيضا على استحباب دراسة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، والاجتهاد في ذلك، والعناية بهذا الأمر أتم العناية، والإكثار من تلاوة القرآن فيه، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، والزيادة في مدارسته.

فينبغي عليك في رمضان أن تجاهد نفسك قدر استطاعتك، وأن تغسل قلبك قبل جسدك، ولسانك قبل يديك، وأن تفسد كل محاولاتهم لافساد صومك، واحذر أشد الحذر أن تكون من أولئك الذين لا ينالهم من صيامهم سوى الجوع والعطش.

فإن من الناس الذين وفقهم الله من يعد العدة لشهر رمضان بالأعمال الصالحة، يستعد للصيام، يستعد للقيام، يستعد لتلاوة القرآن، يستعد لذكر الله، يستعد للصدقات والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وهذا هو الموفق الذي عرف قدر الشهر وأدى واجبه، ومن الناس من يستعد لشهر رمضان بشراء الحاجيات والكماليات، وكأن شهر رمضان شهر الأكل والشهوات، وليس شهر الصوم والعبادات!

فينبغي على المسلمين جميعًا أن يعلموا أن المفطرات للصائم ليست هي الأمور المادية فقط المعروفة إجمالًا في الطعام والشراب والجماع، فليس هذا هو الصيام فقط، وإنما ينبغي على كلّ صائم أن يلاحظ نفسه هل هو صائم عن المفطرات المادية فقط أم هو أيضًا صائم عن المفطّرات المعنوية؟ هل هو حسّن أخلاقه وحسّن سلوكه حينما دخل شهر رمضان المبارك أو لا؟ وأيضًا لا ينبغي لمسلم أن يفتُر عن الإتيان بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الصوم من تعجيل الفطر وتأخير السحور وغيرها من السنن التي هجرها عامة المسلمون إلا من رحم الله.

فإن شهر رمضان شهر الصيام والقيام، وإن من نعم الله - عز وجل - وإحسانه لعباده أن شرع لهم صيام هذا الشهر الكريم، تزكيةً لنفوسهم، وتطهيرًا لها من الأخلاق المنحرفة، وتعويدًا للنفوس على مخالفة الهوى في طاعة الله - عز وجل -، وترغيبًا في الصبر على ترك شهواتها وأهوائها إذا كان في ذلك طاعة الله - عز وجل - وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحث لها على النظر في العواقب، وإيثار الآخرة على شهوات الدنيا العاجلة.

كلمات موجزة فيها بيان ما ينبغي للصائم أن يكون عليه من السلوك الحسن، الذي يُرجى له معه القبول والمغفرة وحط الخطايا ورفع الدرجات.

في البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).

عليكم يا عباد الله الحرص والاجتهاد في حفظ الصيام عما حرم الله، والإكثار من فعل الطاعات، من قراءة القرآن، والإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين، وتعليم الناس الخير، وإرشادهم إليه، إلى غير ذلك من أمور الخير في هذا الشهر العظيم.

كلمة موجزة فيها بيان وجوب صوم رمضان، مع بيان فضل صيامه وقيامه.

يا معشر المسلمين لقد استقبلنا شهر كريم مبارك، شهر الصيام والقيام، شهر تلاوة القرآن، شهر مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات، شهر المسارعة إلى الطاعات، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، إنه شهر رمضان الكريم.

فإن شهر رمضان شهر التوبة والغفران، تضاعف فيه الحسنات، وتغفر فيه السيئات، وترتفع فيه الدرجات، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، فينبغي الاستعداد له بما يحبه الله ويرضاه.

خطبة قيمة فيها بيان فضائل شهر رمضان الكريم، وما أنعم الله على عبادة المؤمنين في هذا الشهر من المغفرة والإحسان، وما يحصله المسلم في هذا الشهر من التقوى والإيمان.

محاضرة قيمة فيها بيان أقسام الناس وأصنافهم في شهر رمضان الكريم.

كلمة موجزة فيها بيان أن شهر رمضان موسم للبر والتقوى، والعمل الصالح الذي يقرب إلى المولى، وهو موسم لمحاسبة النفس، والتخفيف من الأوزار، وشهر إقالة العثرات، وسكب العبرات، فعلى المؤمن أن يغتنمه، ويتقرب إلى مولاه، ويكثر فيه من عمل ما استطاع، خاصة مع مضاعفة الأجور، والوعد بالتجاوز عن السيئات.

في هذه المحاضرة بيان جملة من أحكام الصيام، وبيان أن المؤمن ينبغي له أن يسارع بفعل الطاعات، واغتنام القربات خاصة في أوقات النفحات، كشهر رمضان والأشهر الحرمات، فمن أفضل الطاعات المحافظة على الأوراد، من تلاوة القرآن، وقيام الليل، والمحافظة على النوافل، والإكثار من الصدقات، وإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والإكثار من الذكر والدعاء.

فإن مما يتميز به شهر رمضان الكريم، مضاعفة الحسنات، ولذا تكثر فيه الأعمال الصالحات من تلاوة القرآن، وقيام الليل، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، والصدقة عليهم، وهي في رمضان أفضل من الصدقة في غيره، وفي هذه المحاضرة بيان ذلك.

في هذه المحاضرة بيان ما وردت به النصوص الكثيرة الدالة على فضل الإكثار من الطاعات في رمضان والمنافسة فيها، ومن ذلك اتباع الجنائز، وزيارة المقابر، والاعتبار بحال أهلها والدعاء لهم، ومنها زيارة المرضى، والدعاء لهم، وتذكر نعمة الصحة والعافية، ومن ذلك أيضًا الصدقة على الفقراء والمساكين، وغيرها من الطاعات والقربات.

محاضرة نافعة فيها بيان منزلة المرأة قبل الإسلام وبعده، وما يقع من بعض النساء في شهر رمضان، وذكر وصايا عامة للمرأة، وبيان أثر بعض النساء على المجتمع.

شهر رمضان محطة للتزود من الخيرات والبركات والطاعات، فهو شهر الدعاء، وشهر الذكر، وشهر الصدقة، وشهر تلاوة القرآن، وشهر الصفاء والإخاء، وهو شهر التوبة والإنابة والغفران.

فقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أنه فرض الصيام على هذه الأمة كما فرضه على الأمم السابقة، مما يدل على أهمية الصيام ومكانته عند الله سبحانه؛ لما فيه من الخير للعباد، ثم بين سبحانه الحكمة في تشريع الصيام والحكمة الحاصلة منه، وهي أنه يكسب العبد التقوى، والتقوى هي جماع الخير، والصيام يحتاج إلى معرفة بأحكامه؛ حتى يؤديه المسلم على الوجه المطلوب كما تم بيانه في هذه الخطبة النافعة.

في هذه الخطبة بيان لحالات الناس عند شهر رمضان من صحيح ومريض ومقيم ومسافر، وذكر مبطلات يجب على الصائم أن يتجنبها كي لا يفسد صيامه.

فإن للصيام فضائل عظيمة، وميزات جليلة، منها: أن الله اختص الصيام لنفسه من بيان سائر الأعمال، وأن الله اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم، وأنه يقي صاحبه مما يؤذيه من الآثام ويحميه من الشهوات الضارة، وغيرها من الفضائل مما تم بيانه في هذه المحاضرة.

فإن الناس يختلفون في شهر رمضان اختلفًا كثيرًا، فمنهم من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر لتنويع المأكل والمشارب والمطاعم، ومن الناس من لا يعرف هذا الشهر إلا أنه شهر السهر بالليل على اللهو والغفلة والإعراض والقيل والقال، وينام في النهار، ولا يؤدي الصلوات المفروضة في أوقاتها ومع الجماعة، ومن الناس من لا يعرف لهذا الشهر إلا أنه شهر المسلسلات والتمثيليات والمضحكات والمسابقات، إن أعداءكم قد تنبهوا للإضرار بكم، يعلمون أن هذا الشهر فرصتكم عند الله، ويضيعونه عليكم بمثل هذه الترهات وهذه الغفلات، فاحذروا من ذلك، ولا تضيعوا أوقاتكم، وحافظوا على صلاتكم، فقليل من الناس من يوفقه الله سبحانه وتعالى لهذا الشهر، فالموفقون هم السابقون، وهم الفائزون، وهم الرابحون في هذا الشهر العظيم.

فقد اختص الله تعالى شهر رمضان بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، وهو الشهر الذي فرض الله صيامه، وهو شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، وهو شهر العتق من النار، وفيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وهو شهر الصبر، وشهر فيه ليلة القدر، وهو شهر الدعاء، فهو شهر الجود والإحسان شهر الصيام رمضان.